فوق طبيعي
فوق الطبيعي أو الخارق للطبيعة هو مفهوم نطاق أو مجال يتجاوز كون الزمكان الطبيعي أو يتخطاه، أو بطريقة ما «أعلى» منه. ينطبق المفهوم في بعض الأحيان على كيانات أو أحداث تحدث خارج نطاق الفهم العلمي لقوانين الطبيعة، لكن مع ذلك يجادل المؤمنون في وجودها.
تتضمن الأمثلة على ذلك الملائكة، والآلهة، والمعبودات، والأرواح، بالإضافة إلى القدرات البشرية مثل السحر، والتحريك العقلي، والتبصُّر، والإدراك خارج الحواس.
جرى تاريخيًا الابتهال إلى القوى الخارقة من أجل تفسير الظواهر المتنوعة مثل البرق، والفصول، والحواس البشرية. يؤكد علماء الطبيعة أنه لا وجود لشيء ما وراء العالم المادي، ويشيرون إلى نقص الأدلة الجديرة بالثقة فيما يخص أي شيء فوق طبيعي، من ثَم البقاء في مواقف مُشككة تجاه المفاهيم فوق طبيعية.
تُبرَز الأمور فوق طبيعية في السياقات الدينية والتنجيم، ويمكن أيضًا إظهارها بمثابة تفسير في سياقات أكثر دنيوية، كما هو الحال في الخرافات أو الإيمان بالخوارق
اشتقاق المفهوم وتاريخه
تأتي الكلمة بمثابة صفة واسم، وتنحدر من الكلمة الإنجليزية المركبة الحديثة فوق طبيعي، بالإنجليزية supernatural، التي دخلت إلى اللغة من مصدرين: من فرنسية العصور الوسطى (supernaturel) بشكل مباشر من سلف مصطلح في فرنسية العصور الوسطى، واللاتينية بعد الكلاسيكية (supernaturalis). كان الاستخدام الأول للكلمة اللاتينية بعد الكلاسيكية ((supernaturalis أو فوق طبيعي في القرن السادس عشر، وقد مزجت ما بين البادئة اللاتينية فوق أو super، والكلمة nātūrālis أي الطبيعة. وكان الظهور الأول المعروف للكلمة في اللغة الإنجليزية في ترجمة إنجليزية العصور الوسطى لحوار كاترينا من سيينا.تغيرت القيمة الدلالية للمصطلح عبر تاريخ استخدامه. أشار المصطلح في الأصل بشكل حصري إلى الفهم المسيحي للعالم.
على سبيل المثال، يمكن أن يعني المصطلح عند استخدامه بمثابة صفة «الانتماء إلى نطاق أو نظام يتجاوز الطبيعة، كتلك الكينونات الإلهية أو السحرية أو الشبحية، ويُعزى إليها أو يُعتقد أنها تكشف بعض القوى التي تتجاوز الفهم العلمي أو قوانين الطبيعة، مثل التنجيم أو الخوارق» أو «أنه شيء أكثر من طبيعي أو عادي، أو أنه عظيم بشكل غير طبيعي أو غير عادي، أو خارق للطبيعة أو خارق للعادي». تشمل الاستخدامات القديمة «الميتافيزيقيا أو ما يرتبط بها أو يتعامل معها». وعند استخدامه بمثابة اسم، يمكن أن يعني المصطلح «كائن فوق طبيعي»، ويتميز بشكل خاص بتاريخ قوي من توظيفه في فيما يخص كيانات من الأساطير الأمريكية الأصلية.ساهمت الحوارات من الفلسفة الأفلاطونية المحدثة في القرن الثالث الميلادي في تطوير مفهوم فوق الطبيعي عن طريق علم اللاهوت المسيحي في القرون اللاحقة. كان مصطلح الطبيعة موجودًا منذ العصور القديمة في كتابات المؤلفين اللاتينيين مثل أوغسطينوس الذي استخدم هذه الكلمة وجذورها 600 مرة على الأقل في كتاب مدينة الله. كان لكلمة «طبيعة» في العصور الوسطى عشرة معانٍ مختلفة ولكلمة «طبيعي» أحد عشر معنىً مختلفًا. تساءل بيتر لومبادر، وهو فيلسوف مدرسي قروسطي من القرن الثاني عشر، عن الأسباب المتجاوزة للطبيعة، أي عن كيفية وجود أسباب استأثر بها الرب وحده. استخدم المصطلح اللاتيني (praeter naturam) في كتاباته الذي يعني ما وراء الطبيعة. صنّف توما الأكويني المعجزات إلى ثلاث فئات: «فوق الطبيعة»، و«ما وراء الطبيعة»، و«ضد الطبيعة». وبذلك، زاد التمييز بين الطبيعة والمعجزات أكثر مما فعله آباء الكنيسة الأوائل. ونتيجةً لذلك خلق فصلًا بين الأنواع الطبيعية وفوق الطبيعية. على الرغم من استخدام عبارة (supra naturam) أو فوق الطبيعي، منذ القرن الرابع الميلادي، استخدم توما الأكويني مصطلح فوق الطبيعي أو «supernaturalis» في القرن الثالث عشر، ومع ذلك وجب على هذا المصطلح الانتظار حتى نهاية العصور الوسطى قبل أن يُستخدم بشكل أكثر شيوعًا. كانت النقاشات حول «الطبيعة» في الفترة المدرسية متنوعة ومضطربة مصحوبةً ببعض المُسلمات أنّه حتى المعجزات كانت طبيعية، وأنّ السحر الطبيعي كان جزءًا طبيعيًا من العالم.
نظرية المعرفة والميتافيزيقيا
قد يصعب التعامل مع الاعتبارات الميتافيزيقية للوجود فوق الطبيعي بمثابة ممارسة في الفلسفة أو علم اللاهوت، لأنه من الطبيعي أن يجري عكس أي تبعيات على نقيضها في النهاية أو رفضها.
من العوامل المعقدة وجودُ خلاف حول تعريف «الطبيعية» وحدود الطبيعانية الوجودية. ترتبط المفاهيم في المجال فوق الطبيعي بشكل وثيق بمفاهيم الروحانية الدينية، ومذهب التنجيم، والروحية.
«نستخدم أحيانًا كلمة الطبيعة في «خالق الطبيعة» الذي يدعوه فلاسفة المدرسية بشكل صارم بما فيه الكفاية (natura naturans) أو الطبيعة تفعل ما تفعل، كما هو الحال عندما يقال إنّ الطبيعة جعلت الإنسان ماديًا بشكل جزئي وروحيًا بشكل جزئي. نعني في بعض الأحيان بطبيعة الشيء الجوهر، أو ذلك الذي لا يخالج الفلاسفة المدرسيين الشك في دعوته ماهية الشيء، أي الخاصة أو الخواص التي تكون في المحصلة كما هي، سواء كان الشيء ماديًا أو غير مادي، كما هو الحال عندما نحاول تحديد طبيعة زاوية أو مثلث، أو جسم مائع، وهكذا. نستخدم في بعض الأحيان الطبيعة بمثابة مبدأ داخلي للحركة، عندما نقول يسقط حجر في الهواء تلقائيًا بسبب الطبيعة التي تحمله باتجاه مركز الأرض، وعلى عكس ذلك، تتحرك النار أو اللهب طبيعيًا باتجاه الأعلى نحو السماء. نفهم في بعض الأحيان المسار القائم للأشياء عن طريق الطبيعة، وذلك عندما نقول تجعل الطبيعة الليل يعقُب النهار، وجعلت الطبيعة التنفس ضروريًا لحياة الرجال. نستخدم الطبيعة في بعض الأحيان للقوى الكلية التي تنتمي إلى الجسم، وبشكل خاص الحي منها، وذلك عندما يقول الأطباء إنّ الطبيعة ضعيفة أو قوية أو مُستنفدة، أو إنها في هذه الأمراض أو تلك تُترك الطبيعة لنفسها وهي ستقوم بالعلاج. نستخدم الطبيعة في بعض الأحيان فيما يخص الكون، أو نظام أعمال الله المادية، كما يُقال عن طائر الفينيق، أو كمير، لا يوجد أشياء كهذه في الطبيعة، أي في العالم. وفي بعض الأحيان أيضًا وبالشكل الأكثر شيوعًا يمكننا التعبير عن طريق الطبيعة عن شبه إله أو نوع آخر غريب من الكينونة. يبحث هذا الحوار في هذا المفهوم. إلى جانب هذه القبولات الأكثر من مطلقة لكلمة طبيعة، إذا جاز لي تسميتها كذلك، فهي تملك تعددات أخرى (أكثر ارتباطًا)، لأنه لن يجري إعادة تعيين الطبيعة أو وضعها في تناقض أو تعاكس بالنسبة لأشياء أخرى، كما نقول عن الحجر عند سقوطه إلى الأسفل فإنه يفعل ذلك بحركة طبيعية، لكن إذا رُمي إلى الأعلى فتكون حركته بطريقة عنيفة. كما يميز الكيميائيون الزاج إن كانت طبيعية أو زائفة، أو مصنوعة فنيًا، أي من خلال تدخل القوة أو الذكاء البشري. يُقال إنّ الماء الذي يبقى موجودًا في مضخة ماصة ليس في مكانه الطبيعي، حيث يكون راكدًا في البئر. نقول أيضًا إنّ الرجال الآثمين لا يزالون في حالة الطبيعة، لكن التجدد في حالة نعمة. إن عمليات الشفاء عن طريق الأدوية هي عمليات طبيعية، لكن المعجزات التي قام بها المسيح ورسله كانت فوق الطبيعي.
مصادر الصور
» – روبرت بويل، تحقيق حر في مفهوم الطبيعة المُتلقاة بشكل فظ